مدينة ماطر من ولاية بنزرت شهدت عدة حضارات من أهمها الحضارة الرومانية اذ كانت تسمى مطمورة روما ثم الحضارة العربية الاسلامية كما مرّت بها عدة ديانات كاليهودية والكاتوليك.. وصرّح لنا عم بلقاسم البجاوي ان ماطر هي زبدة عدة حضارات وبها عدة زوايا لأولياء الله الصالحين مثل سيدي البشير وسيدي عيسى وسيدي خمومة، ويدي بوثنية... وكانت الزوايا تمثل مدارس لتعليم القرآن الكريم على يد عدة «مشايخ» من أهمهم المرحوم حمودة بن ميهوب، وكانت النسوة تلتقين كل مساء خميس بزاوية الولي الصالح سيدي بوثنية حيث الغناء والذكر والمأكولات وفي نفس الاطار أكد لنا عم خميس ان من أهم التقاليد في ماطر هو الزواج على طريقة الولي الصالح سيدي البشير...
الولي الصالح سيدي البشير
صرّح لنا السيد البشير البجاوي ان الولي الصالح سيدي البشير أحد شيوخ تعليم القرآن الكريم وسنّة النبي صلى الله عليه وسلّم كان قد حطّت به الرحال بمنطقة جبلية بجومين وكان يعلّم الناس الفقه الديني وأصبح له اشعاع في جميع المنطقة، مما أدى الى توافد العديد من «العروشات» اليه لتعلّم القرآن والسنة ومن ابرزها بني طياش والمزي والجبابرة والعجابي والبجاوي والتيزاوي... وكانوا قد تعاهدوا مع الشيخ سيدي البشير باحترام جميع الشعائر الدينية وطريقته هم وذريتهم، وكان سيدي البشير قد تزوّج بالولية الصالحة الحاجة حليمة التي تقع زاويتها بأعلى قمة في الجبل ويعود سبب ذلك ان الحاجة حليمة لما شاهدت العديد من «العروشات» مع سيدي البشير الذي يعتبرهم أبناءه غضبت وأحسّت «بالغيرة» وصعدت الى أعلى قمة في الجبل واستقرت هناك..
زردة العرش... مهرجان ثقافي
أكد لنا الشيخ الازهر احد متساكني «سيدي البشير» قائلا كان الناس يلتقون هنا بالآلاف خاصة فيما يعرف ب «زردة العرش» حيث يكون بها العديد من «أولاد سيدي البشير» وكانت الاجواء منعشة ففي الليل الغناء واللهو وفي الصباح التنزه بالمناطق الطبيعية بسيدي البشير وأشجار الغابات وكان الزوار يحملون معهم زادهم وزوادهم من افرشة وخيم ومستلزمات الطبخ الى جانب «الذبيحة» وكل قدير وقدره فمنهم من يذبح خرفان ومنهم من يذبح الدجاج... وكانوا يطبخون الكسكسي بلحم الخرفان ثم يقوموا بإخراج ما يسمى «بقصعة سيدي البشير» التي تكون مرصوفة باللحم والعنب والحلوى والفواكه وجميع المارة يتناولون «مغرفة للبركة».
الزواج على طريقة
سيدي البشير
صرّحت لنا الحاجة خميسة النهوشي البالغة من العمر 90 سنة ان سيدي البشير وال 12 العرش تعاهدوا على أن يكون الزواج على طريقة لا يمكن لأي أحد أن يتراجع فيها ولو من ذرية الذرية لأن سيدي البشير «صعيب ويدق» وأوضحت الحاجة خميسة ان طريقة الزواج على عادة سيدي البشير تتمثل في ان فترة الخطوبة لا يمكن لأي أحد من الخطيبين او من عائلتهما ان يقدم هدايا للآخر لأن هذا التصرف يعتبر «زيادة» ومن الممنوعات ولا يسمح بشراء المسوغ في تلك الفترة الا بعد الزواج بأسبوع ومن أهم تقاليد الأعراس هو ذهاب العريسين قبل موعد الزواج بأيام لزيارة الولي الصالح سيدي البشير والتبرك وشرب الماء من العين، ثم يقوم أهل العريس بحمل ما يعرف ب «العقيرة» الى دار العروس والمتمثلة خاصة في الذبيحة (خروف أو عجل) ونصف ويبة (50 كلغ) كسكسي والخضر والغلال ومستلزمات الطبخ مثل الزيت ويمنع حمل الحنة والحمص والفواكه لأنها تعتبر «زيادة» ويقدر مهر العروس ب 69 مليما.
تقاليد ... بدأت تندثر